من وراء هذا الموت تظهر
الحياة ...!
كم من السنين ملكت اليونان زمام
الفكر البشري ثم فقدته ولم تمسك به مرة أخرى ؟ !
وأين إمبراطورية النمسا العظيمة التي لم يبقى منها سوى الأطلال
...!!؟
وبريطانيا العظمى لماذا غابت عنها
الشمس وما كانت تغيب من قبل عن أملاكها ..؟
وكم أمة برق لها بارق مجد ثم اختفى ..!؟ وما أكثر الأمثلة في ديوان
التاريخ ...!!
ولماذا لايجد الباحث والمتأمل في خبايا
التاريخ إلا أمة واحدة إذا جن عليها ليل الحوادث نهضت في صباحه وهي مشرقة تتألق
فتوة وقوة كأنها لم تولد إلا في صباح ذلك اليوم ؟ إنها أمة محمد صلى الله عليه وسلم
فلماذا هذه الأمة ؟
الجواب لأنها أمة
البطولات والتضحيات... فكلما أدركها ليل وبدت علامات انهيارها رجعت إلى نفسها
فحاسبتها *وسدت الثلمات في قلعتها *وجددت من عتادها* وأصلحت مابينها وبين ربها ..
فهي على يقين بموعود الله لها على لسان نبيها بأن الله يبعث لها على رأس كل قرن من
يجدد لها دينها .. فلا يأتي بدين جديد ولكن يزيل عن دينها ماعلق به من أدران ...
والتاريخ يحدثنا أن القدس قبل صلاح الدين الأيوبي كانت تئن تحت وطأت الاحتلال
الصليبي تسعين عاما .. حتى دب اليأس في أوصال الذين تعلقت قلوبهم بالأسباب المادية
المحسوسة وغفلوا عن أن " الأمر لله من قبل ومن بعد " ثم كان بزوغ نجم المجاهد
العابد صلاح الدين والذي عمل سنين متواصلة على توحيد الصف وبناء الأمة إيمانيا
وماديا وقد جاء أمر الله بالنصر المبين وعندها زال الضيق وانقشع الغبار وفرح
المؤمنون بنصر الله حيث جاء باليسر بعد العسر وقضى سبحانه أن العسر يعقبه اليسر..ثم
جاءت بعد ذلك هجمت التتار الشرسة ومن هولها وشراستها فتح المؤرخون سجلات الزمن
وامتشقوا أقلامهم ليكتبوا فصلا مطولا تحت عنوان ( موت أمة ) !؟
وفجأة تستيقظ هذه الأمة من سباتها
وتنهض وقد صح جسمها كأن لم تكن قد اعتلت ومرضت وإذا بها تلقي عن كتفيها رداء الغفلة
وتسير هذه المرة باتجاه بوابة القرن السابع ليس بقيادة عسكرية كماهو الحال في القرن
الرابع وإنما بقيادة علمية يحمل رايتها العالم المجاهد شيخ الإسلام ابن تيمية ضاربة
أروع الأمثال في العلم والعمل .. وسنة التدافع التي كتبها الله على بني آدم لا مهرب
منها .. فتداول الأيام سنة ماضية يندرج تحتها من يدافع وهو مؤمن بالله فيقتل فيموت
شهيدا ومن يقاتل وهو على غير الجادة فيقتل فيخسر الدنيا والآخرة
..
وإذا كان بين صروف الدهر من رحم موصولة
أو زمام غير منقضب فلنا أن نتأمل المشهد في أحد وأبو سفيان يقول للمسلمين بعد نكسة
الرماة المسلمين : يوم بيوم بدر والحرب سجال . وإذا الملهم عمر يجيبه : لاسواء
لاسواء قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار .... إن عناصر البقاء وخصائص الديمومة
لاتتوفر سوى لأمة واحدة هي أمة محمد صلى الله عليه وسلم . لأنها الأمة الخاتمة وهي
آخر من تشرف بتلقي الدين الحق الذي أرسل الله به الرسل وهم أفضل الخلق .. " إن
الدين عند الله الإسلام "
فكيف تموت أمة
تتلقى تربيتها من سورة الحجرات وتتلقى عقيدتها من سورة براءة ومصادر عزتها من سورة
محمد ومن سيرة محمد ..
إن هذه الأمة لن تموت بإذن الله كيف تموت وفي صفحات
تاريخها خالد * والقعقاع * وقتيبة * والمعتصم * ونور الدين * وصلاح الدين * ومحمد
الفاتح * وعبد العزيز آل سعود ...؟
هذه
الأمة لن تموت..!! ونسائها لسن عقيمات .. !! إن ما تمر به في أيامنا هذه شبيه بما
قدر مر على أجيالها في القرون الماضية – مع الفارق – إنها مجرد سنة وغفوة من موت
الليل واستراحة محارب وستشرق الشمس من جديد ومن وراء هذا الموت تظهر الحياة
...
